الجمعة، 12 أكتوبر 2012

قصة بيت من الشعر العربي ..
--------------------------

"لقد ذهب الحمار بأم عمرو ..
 فما رجعت ولا رجع الحمار .."
 ** 
قال الجاحظ في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف: ألّفت كتاباً في نوادر المعلمين وما هم عليه من التغفل، ثم رجعتُ عن ذلك، وعزمت على تقطيع ذلك الكتاب .. فدخلتُ يوماً مدينة فوجدتُ فيها معلماً في هيئة حسنة .. فسلمتُ عليه، فرد علىّ أحسن رد ورحب بي .. فجلستُ عنده وباحثته في القران، فإذا هو ماهر فيه، ثم فاتحته بالفقه والنحو وعلم المنقول وأشعار العرب فإذا هو كامل الأدب .
فقلت : هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب .. ثم أردف، فكنتُ أختلف إليه وأزوره .. فجئتُ يوماً لزيارته فإذا بالكُتّاب "محل عمله" مغلق، ولم أجده .. فسألت عنه فقيل لي مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته للعزاء ..

فذهبتُ إلى بيته وطرقتُ الباب فخرجتْ إليّ جارية ... وقالت لي: ما تريد ؟ قلت : سيدك ! . . فدخلتْ وخرجتْ ..
ثم قالت: باسم الله (أي تفضل)، فدخلت إليه، وإذا به جالس ..

فقلت: عظّم الله أجرك، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، كل نفس ذائقة الموت فعليك بالصبر، ثم قلت له: هذا الذي توفى لك أهو ولدك ؟ قال : لا ، قلت : فوالدك ؟ قال: لا ، قلت: فأمك ؟ قال: لا ، قلت: فزوجتك ؟ قال: لا ، فقلت: وما هو منك ؟......
قال : حبيبتي .. فقلت في نفسي هذه أوّل المناحس .. فقلت: سبحان الله النساء كثير وستجد غيرها ...
فقال : أتظن أني رأيتها ؟ .. قلت في نفسي هذه منحسة ثانية، ثم قلت: وكيف عشقت من لم ترى ؟...
فقال: إعلم أني كنت جالساً في هذه المكان، وأنا أنظر من الطاقة "فتحة يُرى منها من بالخارج"، إذ رأيت رجلاً عليه برد وهو يقول :


يا أم عمـرو جزاك الله مكرمة .. ردي عليّ فؤادي أينما كانــا ..
لا تأخذين فـؤادي تلعبين بـه .. فكيف يلعب بالإنسان إنسانـــا ...

فقلتُ في نفسي لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيــا أحسن منها جمالاً ووصفاً ما قيل فيها هذا الشعر .. فعشقتها ..
فلما كان منذ يومين .. مر ذلك الرجل بعينه وهو يقول :

 لقد ذهب الحمـــار بأم عمرو .. فلا رجعت ولا رجع الحمــار ..

 فعَلمتُ أنها ماتت فحزنتُ .. وأغلقتُ الكتاّب "محل عمله"، وجلستُ في الدار ....
فقلتُ "والكلام للجاحظ": يا هذا، إني كنتُ قد ألفّت كتاباً في نوادركم يا معشر المعلمين، وكنتُ حين صاحبتك عزمت على تقطيعه ..
والآن قد قوّيت عزمي على إبقائه ..  وأول ما أبدأ بك ..
انتهي كلام الجاحظ رحمه الله ...

تُرى لهل لقصة هذا البيت نصيبٌ في أيامنا هذه ؟؟؟
أعتقد ذلك ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق